أظهرت الدراسات دائمًا وجود صلة بين السمنة والعوامل الوراثية، لكن هناك تأثيرات أخرى مثل النوم الصحي والنشاط المنتظم والنظام الغذائي ومياه الشرب والعادات الصحية تلعب دورًا بارزًا في مكافحة السمنة.

وتشير الإحصائيات إلى أن 32.2٪ من الرجال في الإمارات العربية المتحدة و 39.3٪ من النساء يعانون من السمنة، بينما تراوحت النسبة بين الأطفال من 8.5٪ إلى 11٪. لا نتغاضى عن الأرقام العالمية المتعلقة بالسمنة التي تثير القلق، حيث تشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أنه بحلول عام 2030 ستزيد السمنة بين الأطفال بنسبة 60٪، ليرتفع عدد الأطفال الذين يعانون من السمنة إلى 250 مليون طفل. عالميًا، ستكلف العواقب الطبية للسمنة أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2025.

يمكن قياس السمنة بعدة طرق، ولكن الطريقة الأكثر شيوعًا هي قياس مؤشر كتلة الجسم (BMI)، باستخدام طولك ووزنك لمعرفة ما إذا كان وزنك صحيًا. يتراوح المعدل الطبيعي لمؤشر كتلة الجسم بين 20 و 24.9، بينما نتحدث عن زيادة الوزن عندما يتراوح مؤشر كتلة الجسم بين 25 و 30، وعن السمنة إذا كانت أكثر من 30، وعن السمنة إذا كانت أكثر من 40.

أسلوب حياة صحي

تقول الدكتورة سارة سليمان، استشارية الغدد الصماء والسكري في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، إن هناك أدلة متزايدة على أن الأشخاص الذين ينامون أقل هم أكثر عرضة لزيادة الوزن والسمنة من الأشخاص الذين ينامون سبع إلى ثماني ساعات كل ليلة. يوضح سليمان أن السمنة عند الأطفال مرتبطة بعوامل متعددة أبرزها بدانة الوالدين، والوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات، والنشاط البدني، واتباع نظام غذائي غير صحي يعتمد على القلي والحلويات بعيدًا عن البروتينات والخضروات.

لإنقاص الوزن، يوصى باتباع نظام غذائي متوازن، أي نظام غذائي يعتمد على الأطعمة الصحية والوجبات النباتية وكذلك البروتينات الطبيعية وتجنب الدهون المشبعة والأطعمة المصنعة (مثل الوجبات الجاهزة والوجبات الخفيفة والأطعمة المقلية والأطعمة المقلية. الحلويات مثل الشوكولاتة ورقائق البطاطس، على سبيل المثال لا الحصر). من الأفضل أيضًا تجنب المشروبات السكرية، بما في ذلك المشروبات الغازية والعصائر المحلاة والشاي المحلى (الكرك) والمشروبات المحلاة / المنكهة (الحليب واللبن والقهوة) واستبدالها بأنواع غير محلاة من هذه المشروبات الصحية.

بالإضافة إلى النظام الغذائي، يوصى بتناول الطعام ببطء (المضغ بعناية ثم البلع) لجعل جسمك يشعر بالشبع والرضا، والتوقف عن الأكل بمجرد زوال الشعور بالجوع ومحاولة تجنب الأكل أثناء الانخراط في حياة أخرى. نشاط (أي عندما تشاهد التلفاز على سبيل المثال)، لأن هذا يقلل من القدرة على الشعور بالشبع أو الرضا، وقد يدفعك لتناول المزيد من الطعام.

أيضًا، النشاط المعتدل لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع، يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة. ولكن للحفاظ على وزن مثالي، أو لإنقاص الوزن، يجب على الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، ممارسة النشاط البدني لمدة ساعة على الأقل في اليوم، من أجل التغلب على نمط الحياة الرتيب. وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الأجهزة التقنية كالساعات والأجهزة الإلكترونية الصغيرة التي تحتوي على تطبيقات ذكية تراقب الأنشطة اليومية للأطفال وتزود الوالدين ببيانات عنها. لذلك، يُنصح الآباء بالاتفاق مع أطفالهم على نمط معين من الحركة اليومية والعمل معًا لتحقيق هذا الهدف اليومي.

قضاء الوقت أمام الشاشة

تظهر الأبحاث أن الأطفال الذين يقضون الكثير من الوقت أمام الشاشة هم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة من غيرهم. الإفراط في الجلوس أمام الشاشة يسبب السمنة بشكل رئيسي ومباشر. وإذا كان أطفالك يرغبون في الجلوس أمام الشاشات، فيجب أن تخلق فرصًا لإبعادهم عنها، مع العلم أن الأطفال دون سن الثالثة يجب ألا يستخدموا الشاشات أبدًا، بينما يجب على الأطفال من سن 3 إلى 5 سنوات قصر استخدامهم للشاشات على ساعة أو ساعتين في الأسبوع.

علاج السمنة

يعتمد علاج السمنة على عدة ركائز أبرزها اتباع أسلوب حياة صحي وشرب كمية كافية من الماء والنوم المعتدل وممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي. نمط الحياة الصحي هو أساس جميع العلاجات ويجب أن يتبعه دواء أو جراحة أو بالون حسب إرشادات الطبيب المعالج.

النظام الغذائي والصيام المتقطع

نادين هلال، أخصائية التغذية ومعلمة مرض السكري في شبكة “هيلث بلاس” المتخصصة، تقول إن الصيام المتقطع هو الصيام لفترة معينة، بحد أدنى 12 ساعة و 18 ساعة كحد أقصى. في اليومين الأولين من الصوم قد نشعر بالدوار والتعب حتى نتعود عليه. قالت نادين هلال إن هذا النوع من الصيام يقوم على 3 عوامل أساسية الأكل والنوم والماء. نصحت بتقسيم الوجبات بالصيام المتقطع إلى 3 وجبات رئيسية تساعد في حرق الدهون، بشرط أن تحتوي كل وجبة على 3 مكونات أساسية بروتين قليل الدسم، مصحوباً بحصة أو وجبتين على الأقل من الخضار، وكربوهيدرات معقدة (مثل البذور أو الحبوب الكاملة أو البطاطس أو الخبز الغني بالألياف). الخبز البني) والأرز البني، على سبيل المثال لا الحصر). يُذكر أن البدناء قد يشعرون بجوع أقل أثناء الصيام المتقطع بسبب انخفاض مستوى الأنسولين في الجسم. ومع ذلك، لا يزال النظام الغذائي المحسوب بالسعرات الحرارية أفضل من أي نظام غذائي آخر، لذلك يوصى بأن يكون الصيام المتقطع مصحوبًا بحساب السعرات الحرارية.

كما تحدث هلال عن النظام الغذائي التقليدي، وحذر من ضرورة التحكم في السعرات الحرارية بالتزامن مع العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يعدل من عادات الأكل اليومية وسلوك الأكل للفرد.

الأدوية والحقن

أفاد جراحو واستشاريون السمنة في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري ومستشفى دانة الإمارات ومستشفى هيلث بوينت في أبوظبي، وجميعهم تابعون لشبكة مبادلة للرعاية الصحية، أن الأدوية والحقن قد تساهم في إنقاص الوزن بنسبة 10 إلى 15٪ لبعض المرضى. كل حسب حالته الصحية وأسباب السمنة لديه سهل الاستخدام وله آثار جانبية قليلة. كما أنها تستخدم لإنقاص الوزن قبل جراحة السمنة لتسهيل الجراحة، أو تستخدم لإنقاص الوزن استعدادًا لنمط حياة صحي وفقدان المزيد من الوزن أو الحفاظ على وزن منخفض. تلعب الأدوية دورًا مهمًا في محاربة السمنة، وخاصة الحبوب المثبطة للشهية وتقليل الدهون، تمامًا مثل الحقن الأسبوعية أو اليومية التي تثبط الشهية وتساعدك على اتخاذ خيارات غذائية صحية. ومع ذلك، لا ينصح بهذه الأدوية أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية.

جراحة لعلاج البدانة

يقول الدكتور محمد الحداد، استشاري جراحة السمنة ورئيس مركز علاج وجراحة السمنة بمستشفى هيلث بوينت، إن هناك طرقًا متعددة لمكافحة السمنة ومنها الجراحة والتي تنقسم إلى ثلاثة أنواع أساسية تكميم المعدة والمعدة. المجازة، وبالون المعدة.

تساهم جراحة السمنة في تقليل مخاطر الوفاة من الأمراض المرتبطة بالسمنة بنسبة 30-40٪، كما تساهم في التخفيف من المشكلات الصحية الأخرى، بما في ذلك مرض السكري من النوع 2، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الدهون في الدم، وفشل الجهاز التنفسي. أثناء النوم وآلام الظهر ومرض الجزر المعدي المريئي ومرض تكيس المبايض وصعوبة الإنجاب، بالإضافة إلى تقليل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغية والقلب. يوضح الدكتور حازم المومني، استشاري الجراحة العامة وجراحة السمنة في مستشفى دانة الإمارات، أنه قبل اللجوء إلى الجراحة، يجب على المريض استشارة أخصائي التغذية وممارسة الرياضة في محاولة لإنقاص الوزن، وفي حالة عدم نجاح ذلك يتم إجراء عملية جراحية. يتم اللجوء إليه، بناءً على معدل كتلة الجسم. كما يعتمد نوع الجراحة على الحالة، مشيرًا إلى أن بعض أنواع العمليات تتطلب من المريض تناول فيتامينات مدى الحياة لضمان حصوله على جميع العناصر التي يحتاجها الجسم، وتقل كمية الطعام التي يتناولها بشكل كبير، وأضاف أن يجب على المريض شرب السوائل في الأيام الأولى ومن ثم تناول الطعام المهروس جيداً.

وأشار الأطباء إلى أن الجراحة لها مخاطر جديرة بالملاحظة، كما هو الحال في جميع العمليات الجراحية الأخرى، وهي مخاطر التخدير، ومخاطر الجراحة، والتسرب، والتجلط، والنزيف، والتضيق. وتزداد نسبة هذه المخاطر إذا كان المريض قد خضع سابقًا لعملية جراحية في البطن، أو مع تقدمه في السن، أو زيادة حجم البطن.

السمنة والصحة العقلية

غالبًا ما يلام الأشخاص البدينون على مرضهم. قد تعني وصمة زيادة الوزن أن السمنة ناتجة عن فشل الشخص على المستوى الفردي، ويتحمل الأشخاص المصابون بالسمنة مسؤولية إصلاحها. يمكن أن تضر هذه الوصمة بالصحة العقلية والجسدية وتمنع الناس من التماس الرعاية الطبية اللازمة. وبناءً على ذلك، تعتبر الدكتورة رشا عباس استشارية الطب النفسي بمستشفى دانة الإمارات وشبكة مراكز “هيلث بلاس” أن الصحة النفسية والسمنة أمران متشابكان، فالسمنة تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات المزاج، واضطرابات في صورة الجسد. من ناحية أخرى، تؤدي بعض الاضطرابات النفسية إلى السمنة، حيث يميل الشخص إلى الإفراط في تناول الطعام عندما يشعر بالضيق.