كانت للغة العربية مكانة كبيرة لدى الأتراك، وكان للدين الإسلامي تأثير كبير في إعطاء اللغة العربية هذه المكانة المرموقة. اتبع الأتراك طريق الفرس في تلك الثقافة الإسلامية التي تلقوها من العرب من قبل، وبذلك يكون لديهم تراث عظيم من حضارة مزدهرة تتعدد عناصرها وخصائصها، وزادوا هذا التراث وطبعوه بطابعهم الخاص. أبلغوا الآخرين بما لم يبلغهم به. الكاتب التركي ليس كاتبًا بالمعنى المقصود إلا إذا لعب بثلاث لغات العربية والفارسية والتركية. الشاعر المناسب للأتراك هو أيضًا كاتب وباحث ومؤلف في جميع الفنون. إذا كان الأدب الإسلامي هو ذلك الأدب الذي يحتوي على فنون الأدب والعلوم المتناثرة باللغات الثلاث المذكورة أعلاه، كما كتب العديد من الشعراء التركمان الشعر باللغة العربية بحكم ثقافتهم التركية والعربية.

ألف عدد كبير من الشعراء الأتراك بالعربية، منهم (القاضي برهان الدين) 2 وهو من أهل القرن الرابع عشر، وشاعر تركي اسمه (يازيجيوغلو محمد) نظم باللغة العربية نظامًا. بعنوان (مغرب الزمان). التصوف كما ورد أن السلطان سليم الأول كان شاعرًا وله شعر باللغة العربية كما كان الحال مع السلطان سليمان القانوني الذي كان أيضًا شاعرًا، وكان شاه إسماعيل الصفوي أيضًا شاعرًا وله شعر باللغة العربية. بالإضافة إلى كتابين له باللغتين التركية والفارسية.

ومن الشعراء الأتراك الذين لحنوا بالعربية فضولي البغدادي (محمد بن سليمان) الذي عاصر الصفويين والعثمانيين والعرب ولد وتوفي في العراق ولم يتركه، ولحن بالعربية، التركية والفارسية.

ومن شعراء الدولة الأيوبية شاعر يُدعى (إعمار التركي)، ولحن بالعربية فقط، وكانت لغته العربية رصينة، ولم يكن هناك فرق بينها وبين معاصريه بين الشعراء العرب الذين عاصروه، مثل بهاء الدين زهير وابن مطروح وعائشة التيمورية المتوفاة عام 1920. الذين ذكرناهم ولديها شعر طقسي ديني، شعر معروف في الأدب التركي بمونولوجه وتفرعه.

كانت هذه وقفة سريعة مع أبرز الشعراء الأتراك القدماء الذين نظموا شعرهم وإبداعهم باللغة العربية، ولعل هذا يبرز أهمية وفائدة هذه اللغة وفضيلتها الكبيرة ومكانتها بين الأتراك منذ عهد الإسلام. بعض العرب الذين وجدوا تعلم لغة الغرب وسيلة للتباهي. وفي هذا الصدد كان لي قصيدة صورت فيها لغة العرب تشكو من فجور أبنائها قائلة

ولدي وطن لم أعتقد أنني سأفعله، أرى عوالم أخرى في العوالم

لقد أنكرني شعبي وشعبي، وقد لبست نفسي بالسواد في هذا الوقت

عندي جسم قلبه جاحد وكحل عيني حرقة وتهدئة

أعانق أقفال النجوم وأتوق إلى وقت تتألق فيه أمجادها

مرر على الانقاض، حزن على البيوت، وأحصد أشواك الحنين كجذع.

بقلم نجاة الماجد شاعرة وكاتبة سعودية