حب الوطن

الوطن هو بقعة الأرض التي نعيش عليها مع من نشترك معهم في روابط دين ولغة وعادات وتقاليد وثقافة، وجذور كل ما يضرب في قاع الصخر، ويتغلغل في أعماق الأعماق، الذين كانت هذه القواسم المشتركة في أرضهم، وهذه العناصر وحدتهم، يتبلور حب الوطن ويختمر في قلوبهم، في انسجام مع غريزة أبدية تتبلور في النزوع إلى النضال من أجل البقاء.

إلى ماذا تترجم حب الوطن

إن حب الوطن ليس شعارًا تستخدمه الألسنة، ولا دروسًا تُدرس للتلاميذ، ولا سلامًا وطنيًا يُفتتح به اليوم المدرسي ويكتفي بذلك. والاعتزاز بالتراث، مضيفًا إليه أنه دافع عن حياته، ومات في قضيته، وحب عائلته، وتكريمًا لتاريخه، وحب الوطن اعتزاز بحضارة ورسالة تلك الحضارة.

هدانا الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى حب الوطن. ولما غادر مكة مهاجرا قال مخاطبا مكة “والله يا مكة إنك أحب أرض الله إلى الله ولولا عائلتي لطردني منك لما غادرت. . ” شغفهم فقبلوا بدمائهم غنى بلادهم الحبيبة، وتزاحم الأسرى على شرف الانتماء، فملأتهم السجون والمعتقلات، وتنافس طلاب العلم في مجالات العلم والمعرفة، فكان طبيب ومهندس ووزير.

خطر ترك حب الوطن

ومن جرد قلبه من حب الوطن، وسلوكه جرد من أصول الانتماء للوطن، فقد سقطت قيم الحياء من عينيه، وأفرغت روحه من المعاني. من الكرامة، فيبتلع مرارة الذل، وينفصل عن علاقته مع مواطن المجد، ويعصي أرضه التي تشمله، والأمة التي ولدته، ووجوده متساو. أم لا، بل مات صورة حي، وإن أكل أو شرب، فقد شاركه من فاقه في حبه لأرضه، والمكان هنا أفضل من ذكره. ومنه يحتمون، لذلك اسأل الأسد في عرينه، فيجيب عليك، وإذا تجرأت، اقتحمته، فسوف يعلمك كيف تحب ما هو عليه.

ذكّرتهم الأمم التي خلدت في التاريخ بحبهم للوطن، والحضارات التي صعدت إلى الشهرة، من بين أشجار الأوطان، ومن باطن أرضهم، أخرجوا ما يبنون به وجودهم، ويعيدون به بناء كيانهم. وانتمت الأمم الحية من أرضها، وفي تاريخها عزيزة، وتعلمت أبجديات الانتماء للوطن، والله يعلمك أيها الفارس والجندي والمقاتل، وجعل الله أرضك، وأرسل لك وطنك. الجذور.