مما لا شك فيه أن الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا كانت لها الكثير من الآثار التي كان منها ما هو متعلق بأسعار السلع، وخاصة المواد الغذائية والوقود، بالإضافة إلى التغيرات في الجانب العسكري، ومن خلال الأسطر التالية سوف نتحدث بالتفصيل عن أثر الحرب على أسعار المواد الغذائية والسلع بشكل عام، فلنتابع سويا.

التداعيات مدمرة

يوجد بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي تعتمد بشكل مباشر على وكبير على استيراد الغذاء والطاقة، وهذا الأمر يجعل هذه الدول من السهل أن تتأثر بأي أزمات اقتصادية قد يمر بها العالم، وهو ما حدث بالفعل معها عند إعلان روسيا الحرب على أوكرانيا، وبالرغم منه أنه يوجد العديد من الدول العربية التي يكون لديها احتياطي في هذه السلع والوقود مثل دول الخليج، إلا أن هناك بعض الدول التي يوجد لديها نقص في الاحتياطي، مما يجعل تعرضها لأزمة أمر حقيقي لا محالة.

ومنذ إعلان حرب روسيا على أوكرانيا بالرغم أنه لا يوجد فرض أي عقوبات على استيراد القمح منها إلا أن المستوردين تواجههم الكثير من المشاكل عند استيراده، ويرجع السبب في ذلك في صعوبة تحويل الأموال إلى روسيا، بالإضافة إلى صعوبة تأمين السيارات.

ومن الجدير بالذكر أنه يوجد بعض الدول التي يوجد لديها ما يكفي سكانها من النفط والغذاء، إلا أن بعض الدول الأخري مثل تونس وفلسطين، والأردن، واليمن تواجه صعوبات في تأمين هذه المواد إلى سكانها، وذلك بسبب عدد زيادة سكانها، مما يجعل حرمانهم يكون بنسبة أكبر من باقي الدول العربية.

وبسبب الارتفاع المتزايد على أسعار النفط والغاز ترتب ارتفاع أسعار تداول السلع والمواد الغذائية سواء الأساسية أو غير الأساسية، وهو الأمر الذي سيفرض ضغوط تضخمية والذي سيترتب عليه حدوث تعطل في سلاسل الإمداد وهو الأمر الذي سيزعزع اقتصاديات الدول الهشة، هذا بالإضافة إلى أن ارتفاع سعر الوقود سيجعل الدول الفقيرة به مضطرة إلى خفض قيمة سعر الصرف لعملاتها، وهوالأمر الذي سيترتب عليه حدوث انخفاض في أحوال المعيشة والدخول، وربما يكون أمر لا يمكن تصديقه أن يحدث اندلاع للاضطرابات الاجتماعية وحتى الصراعات، وذلك نتيجة للصعوبات الاقتصادية والتي تواجه الحكومة صعوبات للتمكن من حلها.

تأثير الحرب الروسية الاوكرانية على الدول العربية

مما لا شك فيه أنه يوجد العديد من الدول التي ستتأثر بهذه التغيرات الدولية التي تحدث بسبب حرب روسيا على أوكرانيا، فعلى سبيل المثال دولة مثل مصر تقوم باستيراد ما يزيد عن عشرة مليون طن من القمح من روسيا وأوكرانيا، سوف تتأثر بالحرب ما بين الدولتين في حالة أن مدة الحرب طالت، وذلك لأنه يوجد لديها احتياطي يمكن أن يكفيها على المدى القصير، هذا بالإضافة إلى أنه يوجد مساحات كبيرة يمكنها زراعة القمح فيها للتقليل من حجم العجز.

ومن الجدير بالذكر أن القطاع السياحي سيتأثر أيضا بالحرب الروسية الأوكرانية، وذلك لأنه سيقلل عدد السياح الوافدين من روسياوأوكرانيا بسبب ارتفاع سعر النفط والذي في النهاية سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة النقل، وبجانب كل هذه التأثيرات التي تحدث بسبب الحرب تسعى كافة الدول مثل مصر وغيرها إلى إعادة رعاياها من أوكرانيا، حيث يوجد أكثر من    6 آلاف مواطن مصري مقيم بأوكرانيا، منهم ما يعادل 4000 طالب.

وقد صرح وزير الخارجية المصرية في كيف سامح شكري بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة وتوفير الرعاية المصرية التامة له، والسعي من أجل تقديم الدعم بالشكل والصورة المناسبة والعاجلة له، وذلك بسبب الوضع المتأزم في أوكرانيا.

حجم التجارة بين الدول العربية وروسيا

بناء على الاحصائيات التي تمت فإن حجم التجارة بين الدول العربية وبين روسيا يترواح ما بين 18 مليار إلى 21 مليار، ون أهم السلع التي تقوم الدول العربية باستيرادها من روسيا وأوكرانيا هما القمح وحديد التسليح، والتي تختلف من دولة إلى أخرى.

ونتيجة الحرب التي اندلعت بين كلا من روسيا وأوكرانيا تسببت في ارتفاع سعر النفط، حيث وصل سعر البرميل إلى ما يعادل 115 دولار للبرميل، ومما لا شك فيه أنه من الطبيعي أن تستفيد الدول العربية المصدرة لكلا من النفط والغاز من ارتفاع هذه الأسعار، فتبلغ كمية الصادرات الاجمالية للنفط من الدول العربية على مستوى العالم ما يعادل 24% .

وفي الفترة الماضية كان صندوق النقد الدولي أن سعر برميل النفط في الدول العربية يصل إلى 45 دولار أمريكي للبرميل في قطر، بينما يصل سعر البرميل من النفط في البحرين يصل إلى 100 دولار، وكان سعر البرميل من النفط في المملكة العربية السعودية 75 دولار أمريكي، بينما في الإمارات كان يبلغ سعر البرميل 60دولار، وفي الكويت يصل سعر البرميل إلى 65  دولار أمريكي.

الرابحون والخاسرون من ارتفاع سعر النفط

بناء على الأسعار التي تم الاعلان عنها على مستوى العالم للنفط والذي يبلغ سعر البرميل فيها إلى 115 دولار أمريكي فإنه من المتوقع أن تودع الميزانيات العربية تودع العجز، هذا بالإضافة إلى أنها سوف تحقق من العائد من بيع النفط ، وربما يمكنها الاستغاء عن الديون سواء كانت الداخلية أو الخارجية، كما يمكن أن ارتفاع هذه الأسعار يمنحها فرصة من أجل تحقيق أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي.

ولكن ما يجب أن يتم وضعه في الاعتبار أن زيادة حجم التضخم في هذه الدول ناتج عن ارتفاع تكاليف الانتاج، واستيراد السلع الأخرى وذلك بسبب الارتفاع الحاصل في الأسعار الخاصة بالطاقة.

التأثيرات المباشرة للحرب

صرح الكثير من خبراء السياسة أنه يوجد تأثيرات مباشرة وغير مباشرة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن ضمن التأثيرات المباشرة لأوكرانيا بسبب الحرب انخفضت حركة السياحة في أوكرانيا عن المتوقع، هذا بالإضافة إلى أنه يمكن للعديد من الدول التي تقوم باستيراد القمح من أوكرانيا مثل مصر وبعض الدول العربية الأخرى أن تتجه لاستيراد القمح من دول أخرى غير أوكرانيا.

ومن أهم التأثيرات المباشرة أيضا بسبب هذه الحرب قلة حركة الطيران بسبب فرض العقوبات من قبل الدول الأوربية والأمريكية على روسيا بسبب الحرب التي شنتها، أما فيما يتعلق بالتأثير الغير مباشر بسبب هذه الحرب سيظهر على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى أن ارتفاع سعر البترول سيؤثر على بعض الدول العربية بشكل اقتصادي، كما أن العقوبات التي تم فرضها من قبل الدول الأوربية على روسيا سيكون لها أيضا تأثير.

ومن الجدير بالذكر أنه التعامل مع البنوك الروسية سيكون صعب جدا بسبب تلك الحرب، هذا بالإضافة إلى أن أسعار السلع الأولية سترتفع بلا شك، والتي ستؤثر على حركة التجارة العالمية، وستعمل على زيادة أسعار الفائدة ، وبالطبع فإن كل هذه التغيرات التي ستحدث على مستوى العالم ستلقي بظلالها على اقتصاد الدول العربية.

ومن أكثر الدول العربية التي ستتأثر بهذه الحرب تلك الدول المستوردة للنفط، والتي ستتأثر بشكل سلبي، وهو على عكس ما سيحدث بالنسبة لدول الخليج المصدرة للتبرول، هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار القمح، والتي تعتبر مصر واحدة من أكبر الدول التي ستتأثر بذلك، وذلك لأـنها واحدة من أكبر الدول المستوردة للقمح.

فيما سبق قدمنا لكم كل ما هو متعلق بتأثر أسعار السلع بالحرب الروسية الأوكرانية وخاصة في المواد الغذائية والنفط، ومدى تأثير ذلك على الدول العربية.