النجمة السورية ديما قندلفت لا تتفوق على المسرح وأمام عدسة الكاميرا كممثلة منفردة، بل تجسدها كـ “كورال كامل للفنون السبع”، ترسم ملامح من الرأس إلى أخمص القدم بصمتها التي تتجاوز التأليف، نحت التفاصيل لآخر عروة، وهندسة الدور بكل خطوطه، وكعابر للغناء إلى “التشخيص” يتم تحديده من خلال طبقات الصوت وفقًا للشخصية وموقعها، حتى تقوم أخيرًا بتنفيذ نظام ثالوث الروح والجسد والوعي، الذي يقوده التمرد، أبرز سماته خلال مسيرته المثمرة لأكثر من عقدين، فأصبحت امرأة كان لها دائمًا الاختيار، على الصعيدين المهني والشخصي.

تصوير شربل بو منصور

المصمم جوني متى

الشعر والمكياج ميشال وكوليت

شكر خاص لفندق فينيسيا

“خنجر”

تتألق ديما قندلفت حاليًا في مسلسل “Stiletto” بنسختها العربية بأداء فائق وأناقة فاخرة وإطلالات أخاذة وفساتين بقصات مميزة تلفت الانتباه، وألوان يحبها كاندلفت على المستوى الشخصي مثل الأبيض والأسود الآسر. الأحمر، وغيرهم، معتمدين على المبالغة في التركيز على الطبيعة الفنية للعمل الذي يقصد بطبيعته عدم نقل الواقع. ليس فقط بل لمسها بشكل إبداعي كما رأينا في فيلم What Women Want من بطولة ميل جيبسون وهيلين هانت وماريسا تومي. وهنا يأتي الرد على منتقدي هذه المبالغات، بأن العمل ليس عملاً وثائقيًا، بل عمل فني بامتياز يعتمد على وضع المشاعر والسلوكيات الاجتماعية تحت عدسة مكبرة، لإظهار أدق تفاصيله.

منحت ديما البطلة “فلك معوض” أجمل ذوقها، ومشاعرها القوية، وقوتها الشخصية التي وصلت إلى حد الهيمنة والانحياز. وقوّت الدور بمشاعر لا مثيل لها من الخوف والكراهية والانتقام والسيطرة والغطرسة والخسة والعقيدات النفسية بكل أنواعها. فلك معوض كما قدمته ديما شخصية فريدة.

ويعود نجاح المسلسل إلى احتوائه على عدة عناصر جذب في سياق القصة التي تفوقت نسختها المترجمة على النسخة التركية نفسها، حيث استطاعت “Stiletto”، بحسب كاندلفت، أن تمس كل امرأة عربية رغم المبالغة فيها. التي تجلت في عدد من السلوكيات والمواقف والأفعال وردودها، وكذلك من حيث الأناقة. المبالغة التي رافقت النجوم من الصباح حتى المساء. استقطب مشاهدات النساء اللواتي تفاعلن مع بطلات العمل، القوية، المتسلطة، المتحمسة، المظلومة، المكسورة … وجدت كل امرأة شيئًا مشابهًا في مواقف البطلات، فتفاعلت مع المسلسل، ربة البيت التي ترعى أهلها وأولادها والمرأة التي تعرضت للخيانة والمرأة التي كانت تربطها علاقة حب برجل متزوج، والمرأة التي كانت تغار بشكل أعمى على زوجها أو رفيقها، والمرأة التي كانت على علاقة عاطفية. قام أصدقاؤها المقربون بخيانتها وتركوها وحيدة في ذروة محنتها، بالإضافة إلى عارضات الأزياء الحقيقيات التي قدمها العمل.

في الوقت نفسه، اجتذب العمل العديد من المشاهدين الذكور الذين اتبعوا بشغف نهجًا مختلفًا عن عالم النساء، لذلك تابعوا كيف تفكر النساء في حالات الحب والخيانة والغيرة والخيانة، وكيف يمكن أن تكون قوية ومنكسرة، و ضعيفة وخاضعة، ونمرة شرسة في الدفاع عن زوجها وعائلتها، وكذلك كيف تفقس مكائد النساء على جميع المستويات.

“عربجي”

بعد “الخنجر” تظهر قندلفت لجمهورها في مسلسل “العربجي” الذي دخلت فيه “لاه” تجربة خاصة احتضنتها أزقة وبيوت الشام القديمة، معدلة لتلائم فضاء درامي جديد خلقه العمل. صُنّاع، من خلالها رأت نجمة غلافها أثناء عملها خلف الكواليس، حيث يخفي الكثير من الجهد والإرهاق عن الجمهور. تختلف أوقات التصوير باختلاف الأيام بين شروق الشمس وبداية الصباح. على الرغم من ذلك، تصل قندلفت في الموعد المحدد أو قبله، حيث أن التأخير ليس من بين خياراتها، والالتزام هو أولويتها القصوى. يدخل افي موقع بابتسامة فرد من العمل وليس نجمه. تتوق إلى الترحيب وإعادته مع الجميع، قبل التوجه فورًا إلى غرف الملابس والتجميل والشعر، حيث تهتم بكل التفاصيل في المظهر والمظهر، بدءًا من الإكسسوارات التي تتحول إلى أدوات درامية لاحقًا، عابرة. من خلال كل خصلة من الشعر إلى طريقة وضع الآيلاينر. تبدأ في خلع ديما شيئًا فشيئًا، وتلبس شخصية درامية.

وقندلفت لا تشرع في هذا الطريق، أي المشاركة في أي عمل تمثيلي، إلا إذا وافقت على الدور على الورق، وهو أهم شرط لها لتقديمه. بالنسبة لها، فإن اختيار الدور، والتدرب عليه، وتقديمه عملية تستغرق رحلة طويلة، وأساسها الصدق في الأداء. وعندما تكون قادرًا على وصف خصائص الشخصية، فإنك تخرجهم إلى العراء لتعيشهم في تفاصيل ملابسهم وحركاتهم وصوتهم.

يدعو مساعد المخرج “البروفيسور ديما” إلى المشهد الأول، ويحضر البروفات شخص مختلف عن الذي دخل غرف التحضير. في يديها ما يمكن أن يسمى “سلاح سري” أو طريقتها الخاصة في العمل. قبل بدء التصوير، تكتب على قطعة من الورق ملخصًا للشخصية وخصائصها وحركاتها وردود أفعالها والملاحظات التي تحدد عالمها. هذه الورقة هي البوصلة والبداية. في هذه الحالة، نواجه “بدور”، امرأة شابة جميلة “برية” يصعب ترويضها، وتحلم بنسب مرتفع كتعويض عن ماضٍ متواضع، على أقل تقدير. وتتمتع بأسلوب “مكيافيلي” في التفكير، فغايتها تبرر الوسيلة، لكنها في كل مواقفها إنسانة من لحم ودم، فلا تذهب إلى المطلق، سواء في الخير أو الشر. كل هذا يمكن رؤيته في ملابس وإكسسوارات ومكياج بدور، وخاصة كحلها، السلاح الرئيسي للممثلة والشخصية.

الملف الشخصي

دخلت ديما قندلفت طريق الفن كفتاة صغيرة في سن المراهقة بالغناء، متأثرة بالفنانة الطفلة في ذلك الوقت ريمي بندلي التي رأتها وهي في السابعة من عمرها، لذا انضمت إلى “جوقة الفرح” في حياتها الأولى. ثم انتقلت بين عدة فرق محترفة. تجربة جمعت بين الروحانية والمهنية، وغرست في قندلفت أدوات التعبير الأولى في الصوت والجسد، ومهدت لها الطريق لدخول المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، عندما اتخذت قرارها الثاني بالدخول وتركت دراستها في كلية الاقتصاد التي عادت لإكمالها عام 2013.

بدأت ديما الرحلة على خشبة المسرح بفيلم “أسود وأبيض” مع الفنانين سامر المصري وباسل خياط، حيث شاركت في راقصة معبرة بلوحات رسمتها في نهاية كل مشهد من مشاهدهما. ووقفت أمام عدسة الكاميرا لأول مرة في بطولة مسلسل “أبيض أبيض” مع شخصية “لطيفة”، إلى جانب الفنانات نضال سجري وفرح بسيسو عام 2001، والتي شهدت تخرجها من المعهد العالي في عام 2001. الدفعة التي جمعتها مع الفنانين تيم حسن ومصطفى الخاني وسوزان سكاف ونادين سلامة وغيرهم.

أكثر من عشرين عاما مضت على مسيرة ديما قندلفت الفنية، قدمت خلالها ما يقرب من مائة عمل في المسرح والسينما والتلفزيون، بجميع الألوان الدرامية في الأعمال التراجيدية والكوميدية والمعاصرة والتاريخية والبيئية والخيالية، دون أن تترك غناء أو افتتاح. مسيرتها الفنية، وعلى مر السنين قدمت الأغاني في أوقات منفصلة، مع الحفاظ على حلمها بعمل فني غنائي، بشرط أن يكون دراميًا ومسرحيًا ومرتبطًا بالأداء … فيلم “مولان روج” مثلا.

الجوائز

جائزة أفضل ممثلة عربية من فيلم “الموريكس دور” عام 2022، عن دورها في مسلسل “الهيبة – الرضا”.

جائزة أفضل ممثلة عربية من “الموريكس دور” عام 2016، عن دورها في مسلسل “علاقات خاصة”.

جائزة أفضل ممثلة من “مهرجان الإسكندرية السينمائي” لعام 2022، عن دورها في فيلم “اعتراف”.

جائزة أفضل ممثلة عن دور داعم من “مهرجان Adonia” عام 2009، عن دورها في مسلسل “Summer Cloud”.