أكد أكاديمي سعودي متخصص في النقد الأدبي لـ “الوطن” أن الأعمال “الخيالية” المحلية ترجمت إلى عشرات اللغات الأجنبية لكنها لم تصل إلى العالمية. رعاة الثقافة، موضحين أن الترجمة وحدها ليست كافية ؛ ولتحقيق العالمية، حدد 3 معايير أساسية لمفهوم العالمية في مجال الكتب والكتاب، وهي ترجمة الكتاب إلى اللغات العالمية، ونشر الكتاب في مختلف أنحاء العالم، وفوز الكتاب أو الكاتب بجائزة دولية. .

عشرات السنين

قال الدكتور علي الحمود الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض لـ “الوطن” إن العالمية تقتضي انتشار الكتاب في بيئته المحلية أولاً ثم نقله إلى البيئة الإقليمية.، ثم العالمي، والترجمة تساهم في انتشاره، ومن المهم أن يكون للعمل رؤية ثاقبة تتجاوز الرؤية الضيقة، بمعنى أن الكاتب لديه مشروع كبير يسعى إلى تحقيقه، وهذا المشروع قد يستغرق عقودًا، وأن لديه الصبر والقدرة على استكشاف أعماق المجتمع، وربطه بعمق التاريخ. الرؤية العميقة المصحوبة بامتلاك أدوات تقنية مميزة، والموهبة المتميزة التي تشكلت عبر عشرات التجارب، هي الطريق إلى العالمية، إذا رأينا ضرورة تحقيقها، موضحين أن العالمية الحقيقية تنبع من عالمية وانتشار لغة. ولا ينبغي على الكاتب أن يكون شديد الحذر حيال ذلك في بداية مشروعه.

ثقافتنا عن قرب

وأضاف أن رؤية المملكة 2030 شاملة وتسعى إلى وضع المملكة في مكانها الطبيعي في العالم، وهي رؤية طموحة بدأت ولن تتوقف إلا بعد تحقيق أهدافها. إن مستوى العالم في شتى المجالات يتزايد ويترسخ بوتيرة متسارعة، مما يشير إلى أن الكاتب والكتاب السعوديين جزء من هذه الرؤية التي تسعى إلى إبراز الثقافة السعودية على مختلف المستويات. لذلك نجد انفتاح المملكة على ثقافات الشعوب الأخرى، وفتح الطريق للآخرين بوسائل عديدة للتعرف على ثقافتنا عن كثب.

الواقع والخصوصية

وشدد على أننا نكتب رواية مميزة أولاً، وهذا هو الحال نسبياً في بعض التجارب الروائية المحلية، لكن العمل الروائي يجب أن يتحول إلى مشروع مرتبط بالمجتمع، ويؤسس قيمه الحقيقية، ويحتاج إلى قراءة عميقة في تراث واتجاهات الفن الروائي، والنقد يجب أن يؤدي وظيفته الحقيقية، بتوجيه حركة الإبداع وعدم الاكتفاء بدور تابع لما يصدر. العمل الروائي الحقيقي الذي يستحق أن ينتشر هو ذلك العمل الذي يعبر عن مجتمعه، بأساليب خيالية نابعة من التراث القديم والحديث، بحيث يكون هناك مزيج بين المحتوى والرؤية، وهذا ما نجده في بعض الأعمال الروائية المحلية. التي تم توفيرها من التراث، وعرضت التاريخ بمساعدة المساحات القديمة الأصيلة، أو تم حفرها في الواقع. يمر المجتمع بمراحل محورية من تطوره، وهو يقدمه بطريقة عميقة. خبراتنا الخيالية في هذا المجال تحتاج إلى مزيد من العمل. للأدب كنشاط اجتماعي لتحقيق الرؤية الطموحة لبلدنا، ملمحًا إلى أن العالمية في مجال الرواية تنبع من الواقع والخصوصية، حيث أن الوصول إلى العالمية يتطلب الإبداع في تقديم الواقع. هاجس ملح

وشدد على أن العولمة لا ينبغي أن تكون هاجسًا ملحًا، بل الاهتمام بالتميز والإبداع في مختلف المجالات، مستشهداً بالكاتب نجيب محفوظ عندما وصل إلى العولمة. العالمية من خلال شغفه الذي أنتج هذا العمل، ومثله مثل الراوي (الحرب والسلام) لتولستوي، حيث سجل الكاتب قصة المجتمع الروسي خلال حملات نابليون ضد روسيا، مما يشير إلى بلوغ العالمية، وهذه الرواية أكثر من قرن. ونصفها من العمر، وما زالت تُقرأ في أجزاء مختلفة من الأرض. قال في مشهدنا الثقافي نحتاج إلى وجود مشاريع حضارية في كتاباتنا الأدبية والثقافية، وأن هناك بعض الكتاب الذين يمكن أن يصلوا إلى العالمية، لأنهم امتلكوا المشروع، ولكن هناك ظروف حالت دون ذلك. للعالم بمفهوم ولكن الوصول إليها سيكون من خلال الترجمة، وهذا يحدث في بعض أعمالهم المترجمة، مشيرين إلى أن الوصول الأهم يكون من خلال اللغة الأم، وهذا لم يتحقق حاليًا، وتبقى الترجمة هي الآن الخيار المتاح.