نزار قبانى

نزار توفيق القباني شاعر ودبلوماسي معاصر من مواليد دمشق. ولما أنهى دراسته الجامعية التحق بالسلك الدبلوماسي متنقلاً بين العواصم، وبعد ذلك قدم استقالته. أصدر كتابه الأول بعنوان (السمرة قال لي). نقدم لكم في هذا المقال قصائده وبعض القصائد الأخرى التي قيلت في الأم.

عن الأم

نزار

صباح الخير عزيزتي..

صباح الخير يا سيدي الحلو

لقد مر عامان يا أمي

على الصبي الذي أبحر

في قصته الخيالية

ومخبأ في حقائبه

صباح أخضر

ونجومها وأنهارها وأخوها الأحمر كله

واختبأ في ثيابه

طربينا نعناع و زعتر

والليلك الدمشقي ..

أنا وحدي..

دخان السجائر بالملل

ومقعدي يشعر بالملل

أنا أحزن على الطيور.

البحث (بعد) عن بيدر

عرفت نساء أوروبا ..

كنت أعرف مشاعر الأسمنت والخشب

عرفت حضارة التعب ..

طفت الهند، طاف السند، طاف العالم الأصفر

لم أجد..

على امرأة تمشط شعري الأشقر

هي تحمل في حقيبتها.

لعرائس السكر

وألبسني إذا كنت عارياً

واصطحابي إذا وجدت

يا امي..

يا امي..

أنا الفتى الذي أبحر

ما زلت أتذكره

عاشت العروس السكر

فكيف .. الطريقة كيف يا أمي

صرت أبا ..

ألم تكن أكبر

صباح الخير من مدريد

ما هو الخبر عنها

أوصي به لك يا أمي.

تلك الفتاة الصغيرة

كانت حب صديقة والدي.

تدليلها مثل طفل

دعاها لتناول فنجان من القهوة

وسقيها ..

ويطعمها …

يغسلها برحمته.

وتوفي والدي

لا تزال تعيش مع حلم عودته

ويبحث عنه حول غرفته

تسأل عن عباءته.

تسأل عن جريدته.

تسأل عندما يأتي الصيف

عن فيروز عينيه ..

لينتشر على كفيه ..

دينار من ذهب.

سلامات ..

سلامات ..

إلى بيت البستانيين المحبة والرحمة

لزهورك البيضاء .. فرحة “ساحة النجوم”

الى اختي..

إلى كتبي.

الى اولاد حينا ..

وقمنا بملء الجدران.

في فوضى كتاباتنا ..

للقطط الكسولة

نام عند شروق الشمس

وليلة الشجرة

على نافذة جيراننا

لقد مر عامان يا أمي

وجه دمشق

طائر يخربش في أجنحتنا

لدغات على ستائرنا ..

وننقر …

بلطف من أصابعنا.

لقد مر عامان يا أمي

ليلة دمشق

مليئة بدمشق

دور دمشق

أنت تعيش في قلوبنا

مآذنها .. تضيء قواربنا

مثل مآذن الأمويين.

لقد زرعت فينا.

مثل مشاتل التفاح.

باقية في ضمائرنا

كأنما النور والحجارة

كلهم جاؤوا معنا.

لقد حان سبتمبر يا أمي.

جاء الحزن لي الهدايا

وغادر عند نافذتي

عتابه وشكواه

جاء سبتمبر .. أين دمشق

أين أبي وعيناه

أين يبدو الحرير

أين رائحة قهوته

سقى الرحمن مثواه ..

أين بيتنا الكبير

واين نعمة

وأين مدارج الشمس

يضحك في الزوايا

وأين طفولتي فيها

جر ذيل قطته

ويأكل من غصنه

وينتف من أنفه

دمشق دمشق ..

يا شعر

على تلاميذ أعيننا كتبناه

أوه، طفل جميل.

من ضفائره صلبنا

نحن على ركبتيه …

وذابنا في حبه

حتى قتلناه حبنا.

قصيدة أمي

عبدالله البردوني

لقد تركتني هنا بين العذاب

واصلت، حزني الطويل والاكتئاب

لقد تركتني هنا لوحدي

واستراحت وحيدة بين التراب

حيث لا يوجد قهر، لا طغيان، لا

الذرة تتنبأ بالدمار

حيث لا سيف ولا قنبلة

حيث لا حرب ولا رماح

حيث لا توجد سلسلة، لا سوط، لا

يسود الظالم، والمضطهد يحب المظلوم

لقد تركتني أتذكر الصفاء مثل

يذكر الشيخ أوهام الشباب

هي أبعدتني عن شوقي لها

إنه يغني الماضي ويغني – أوه – ما مشكلتي

وحصاد الحياة دعاها إليها

عندما اتصل بها، سوف تعطيني إجابة

حيث أتصل، لا تسمعني

غير صمت القبر والخراب

كان موتها كله لي

وحياتي بعد ذلك فوق إصاباتي

أين ظلها الرقيق مني

لقد ذهبت بعيدا عني

استمرت أيامها الجريحة

عطاء اللفحة وهضبة الأشواك

لقد اجتازت طرق ووسائل حياتها، هكذا هي

طريق صعب إلى عالم صعب

انتهى حيث انتهى السباق

كنت مطمئناً تحت ستار الغياب

آه “أمي” وأشواك الأسى

أوجاع تحترق في قلبي الذائب

فيك دعوت شبابي وطفلي

وانطويت خلف حلويات تسابي

طريقة كيف أنساك وذاكرتك على

سفر أيامي هو كتاب في كتاب

ذاكرتك ورائي ورائي

وجهتي هي حيث أتيت وأذهب

كم تتذكر يديك

في يدي أو في طعامي وشرابي

كان يؤذيك نحوي وإذا

لمسني البرد ففقدت ملابسي

وإذا كان الجوع يجعلني أبكي ولا أفعل

ليس لديك سوى وعد كاذب

توقف عن هز رأسي مثل

هدهد الفجر، رياحين الروابي

إلى أي مدى قادتني سمرة

حقلنا في (الغول) بقط الرحاب

والوادي إلى الظل

حيث تلقي الروضة أنفاس الملابس

وتغني مجاري الأنهار لحنها

ذاب مثل اللطف في حلاوة العتاب

كم تمنينا وكم أفسدتني

تحت صمت الليل والنيازك الجوفاء

كم بكيت عيناك عندما رأوها

تومض عيناي وتطوى في الحجاب

وتذكرت مصيري والجو

بين جانبيك جرح في التهاب

ها أنا أمي اليوم فتى

طائر النيزك الشهير

املأ التاريخ باللحن والصدى

ويغني في رب الخلد ربابي

اسمع صوتي يا أمي وأرقص

من وراء القبر مثل هرة كعوب

ها أنا هنا والدة ميراثك وفي

شعر هذه الأغنية جسدي ومبهج.

قصيدة حوار بيني وبين أمي

عبد الرحمن العشماوي

أمي تطلب مني البكاء من الغضب

لماذا قطعت أمتنا !

ما هو الخطأ في أمتنا

عرّضت وجهها القمحي للشعلة !

ما هو الخطأ في أمتنا التي ألقت عباءتها

هل أصبحت لعبة أسهل للعب !

ما هو الخطأ في أمتنا تعمل بلا هدف

هل ستقع في يد فتى ومغتصب !

ما هو الخطأ في أمتنا

على حبل المشنقة من أهل الغدر والكذب !

ما مشكلتها انها ممزقة ما هي اسباب وحدتها

ألم تحترم حقوق الدين والنسب !

تسألني أمي ويغمرني الحزن

بني مالك لم يتكلموا ولم يجيبوا !

ألست أنت من يصرخ من أجل أمتنا

وهي تدعي أنها فاسدة !

وهي تدعي أنها فخورة بنفسها

تدعي أنها من رتبة عالية !

أخبرني يا بني لماذا الصمت في ذلك الوقت

هل يعيش على التهريج والضجيج !

ماما .. لا تسألني أني لجأت إليه

صمتي لأنني عانيت من التعب

كنت أحمل الهموم، فهو لا يصورها

شعر وأنت غير قادر على إلقاء الخطب

ماذا أقول وفي تذكرة الحدث

لمن يدرك، وبيان قصير

قل الجرح، أمي، اسمعي

له واستعمى الله وعدا.

قصيدة حزينة عشت أمي

عبد العزيز جويدة

للأسف، عاشت والدتي على الفقراء

بلل خبزها بالدموع لتأكله

صباحا مساء

حزين عندما رأيتهم

لا يوجد حلم في عيونهم

ولا حتى

وميض من فضلك

يأتون إلى العالم

ويذهبون ..

بدون أضواء

لصمتهم المفرط، انسوا …

تعتقد أنهم ماتوا

هم على قيد الحياة

حزين عشت أمي

أرى الفقراء كمحبين

وهم لا يعرفون …

أن فقر العشاق مقصلة

ومهما قاوموا ..

سوف يمتثلون

وبين جراحهم ذات يوم

ودائما بين دموعهم ..

سوف يغسلون

لأن الفقر علمهم

أن عيونهم خلقت

وهم يبكون

حزين عشت امي و الدنيا

“Gotna” كلنا هكذا …

نحن نحب بعضنا

الطريقة التي أعيش بها يا أمي

وحبي كله مزيف

وصارت حياتي كفر

أرواح الناس مريضة

إن مرض الكراهية منتشر

قلوب الناس فاسدة

وهذه محنة كبيرة

حزين عشت أمي

لأن الحب مسجون بمصالحنا

إذا كان لدينا ربح

طموحاتنا تقربنا

وعندما ننتهي

أراد له..

الجوارب لدينا

في عجلة من أمرنا دون خجل

أمام الناس نعلنها

ونبدأ مذابحنا

حزين عشت أمي

لأنني لم أتحدث عن الحقيقة في يوم واحد

وقلت بصوت عالٍ

أنا مسجون في فقر

وفي قهري وفي قيودي

لقد تعرضت للقمع لفترة طويلة

واسكنوا السادة الحكام

في ظهري.

إذلي

أنا آسف إذا فتحت الباب يومًا ما يا أمي

لم تجد – كالعادة –

خلف الباب رسولي

قُتل حكامي هنا

كل ما عندي من الحمام الزاجل

لقد داسوا على أناس مثلي

حزين عشت أمي

لأن الحق

نحن تائهون

وأصبح الجميع لصًا

أتانا ..

الشباب الشباب

وأكرم الناس ..

لدينا ..

طالب جائع

سيف الحقيقة ليس شحذ

لذلك لم يعد الأمر قاطعًا

والطريقة التي أنام بها يا أمي

ولا رادع للسارق

حزين عشت أمي

والشوق إلى الوقت الآتي

أنا كسرت الأصنام

وسوف أكسر قضبان بلدي

وهدمت سجني العالي على السجان

واليوم الذي تلاه

لا اعرف متى

صوتي يرتعش

وصوتي هو كل الحمم البركانية من البركان

أنا، أيها السادة، الحكام بشر

إنني إنسان – انا انسان.

قصيدة وجه أمي

رياض بن يوسف

معذرة أمي .. أشعر بالملل

لقد غمرني الصبار والصبر

أمي آسف خانتني حلمي

نبتت فروعها ثمار

أمي، أنا آسف، الطريق يؤلمني

الخطوة مزقت الأشواك والحفر مني

أمي، آسف، المصطلح غير عادل

كانت مغطاة بالأبقار

ماذا أغني عندما أفقد حلقي

هل تقطعت السبل بالآهات والآهات

ماذا كنت متماسكة ولكن خرق قافية

ظلام في رؤاها غيم بالصور !

ما من نور ينفعني إلا أنت يا علقا

من مقل عينيه، هم في عزلة شجرتى

لا نور إلا أنت في أنوار زيفهم

البكاء على كتفيه الشمس والقمر

امي انا اسف الله يشهد لي

لم انسى السحابة هل تنسى المطر !

هل تغادر السمكة الفضية منزلها

هل يترك النهر مجراه وينتحر !

أماه! لا تزال النافورة تغسلني

لا يزال من ماء dymtek الخاص بك يتدفق

ما زلت طفلة صغيرة بيدي ويدي

العاقر تبكي وتتوسل وتعتذر

عفوا يا أمي ولكن الف عذر

جفت اليراع وانكسر قلبي!

امسك رجفتي وعانق وجهي المتأسف

لتنتهي في أحضان نطاق السفر الخاص بك!