قصة قصيرة

هذا الرجل … الغريب

ينهض الرجل من سباته، ويغسل وجهه من غبار السنين، ويلعن مشقة الحياة، ويتغلب على الظلم والفقر بالصبر، ويذهب للعمل هناك في المدينة المزدحمة، وفور الشخصيات، والفوضى الكاملة التي تجتاح. كل زاوية وركن. يجد مكانًا متواضعًا يكمن فيه، ويجلس قرفصًا بسبب عدم وجود مساحة، متكئًا على جسده النحيف إلى الفراغ، رقعة الأرض التي نشرها على الرصيف ليس لها جدران، غير مبال بالحريق. الشمس، وإذا جاء الشتاء بسرعة، لا يهتم بزخات المطر ولسعات البرد، ولا يهتم بضوضاء المكان وفوضى المكان، فهو المحارب، رغم أنفه وكبر سنه، يقف قويًا في وجه الرياح وانعكاسات الرصيف المحملة بالغبار والنفايات.

جاء إلى هذا المكان مبكرًا وجلس على الأرض، بملابس مهلهلة وجسد نحيل منحني بمرور الوقت، وملامح وجه طغت عليها تضاريس غامضة، أما بالنسبة إلى يديه، فقد بدت هزيلة بشكل واضح وكان مظهرهما شديد التجعد. ومعقدة، جاء الرجل سعياً وراء رزقه وترك وراءه أفواه واسعة مثل مناقير الطيور الصغيرة تنتظر أن يضع فيها شيئًا لإشباع جوعها. ربما كان أسطورة لهذا الوقت، لأن طول العمر يزدهر في عروقه، فهو لا يعرف الضعف ولم ييأس، وإذا كان يعرف جسده وهنا فلا خيار أمامه ليعترف به، لأنه يقصر الوقت. وترك وراءه سبعين عاما من أجل رزق حلال وحياة أفضل. وها أنا متجه بنشاط وحيوية إلى حيث يلقي هذا الرجل بجسده الصغير وسط هذه الفوضى المطلقة، أشعر بسعادة غامرة لأن هناك موضوعًا يستحق النشر، وليس لدي أدنى شك في أنني قد لا أجد أثرًا منه.

خطوت خطواتي كما لو كنت أمام مغرفة صحفية. أخشى أن يجد شخص آخر طريقًا إليه، لذلك ممنوع عقد ذلك الاجتماع المتوقع، فلن يكون هناك موضوع ولا سابقة أدبية أو صحفية على الإطلاق. أنا على بعد خطوات قليلة من المكان الذي سأقابله فيه، لكنني لا أرى هذا الرجل، فقد فجرت الشمس جسده أو أرهقته بالضجيج والضوضاء، لذلك قرر المغادرة مبكرًا، أو هل انتقل إلى مكان قد يكون أكثر أمانًا وأمانًا، وربما مُنع من ممارسة حرفته على الرصيف. هذه الأسئلة وغيرها جاءت إلي على بعد أمتار قليلة من مكان وجوده، لكن .. ليس هناك ما يشير إلى وجوده أو حتى أي شيء يشير إلى أنه كان في المكان مؤخرًا. ذهبت واسأل عنه صاحب المحل المجاور لمكانه، وقلت له أين الشيخ مصلح ال .. كنت في حيرة من أمري وأنا أستمع لما يقوله صاحب المحل. أبدو مندهشا. تحدث بلغة صحيحة ومفهومة، لكني وجدت أنها لا تعني شيئًا. تلعثمت ولم أستطع أن أقول له رحمه الله، وفاتت أن أسأله عن ظروف وفاته. غادرت المكان ولم ألتفت ورائي وواصلت استكمال الكلمات والعبارات التي لا ترتبط ببعضها البعض ولا تعني شيئًا، فقد كان مثالًا جيدًا للمكافح الصبور، ومن كان محظوظًا وأتيحت له فرصة مقابلته أثناء كان على قيد الحياة، تعلم منه الكثير،،، الصبر والمثابرة والتحمل هي أقل ما يمكن أن نطلق عليه صفات لذلك فهي من أولويات ما يمكن أن يكون منصة للعمل في هذه الحياة، ودرسًا بليغًا. للمضي قدما نحو حياة أفضل ومستقبل أفضل.