للشاعر الثوري أمل دنقل الشاعر المصري المعروف والمشهور. ولد عام 1940 في قرية تسمى “القلعة” بالقرب من مدينة “قنا” بصعيد مصر. أترككم مع نص قصيدته الرائعة

(1)

لا مصالحة!

.. حتى لو أعطوك الذهب

انظر عندما أغمض عينيك

ثم ضع جوهرة في مكانها ..

هل ترى..

هذه أشياء لا يمكنك شراؤها

ذكريات الطفولة بينك وبين أخيك،

إحساسك بالرجولة – فجأة –

هذا الحياء الذي يكتم الشوق .. عند احتضانه،

صمت – تبتسم – لتوبيخ والدتك ..

كما لو أنتما الاثنان

هم ما زالوا أطفال!

هذا السلام الأبدي بينكما

هذا السيف هو سيفك ..

صوتين صوتك

أن تموت

رب البيت

والطفل له أب

هل سيتحول دمي – بين عينيك – إلى ماء

انسى رداءي الملطخ بالدماء …

هل تلبس – على دمي – ملابس مطرزة بالقصب

انها الحرب!

قد يكون القلب ثقيلاً.

لكن ورائك عار العرب

لا مصالحة ..

ولا تحاول الهروب!

(2)

ولا تتصالح على الدم .. حتى بالدم!

لا مصالحة! وإذا قيل وجها لوجه

أكل الرؤوس سواء

اقلب الغريب مثل قلب اخيك !

عيناه عيون أخيك !

هل اليد متساوية كان سيفها لك

بيد سيفها أصابك

سيقولون

لقد جئنا لنحقنك بالدم.

أحضرنا لك. كن – يا أمير – القاضي

سيقولون

نحن هنا أبناء عمومة.

قل لهم لم يحترموا عامة الناس بين أولئك الذين هلكوا

وتزرع السيف في مقدمة الصحراء

حتى يجيب العدم

كنت لك

فارس،

وشقيقه،

والد،

وملك!

(3)

لا مصالحة ..

واذا منعتك من النوم

صرخات الندم

و تذكر..

(إذا كان قلبك من النساء اللواتي يرتدين السواد ولأطفالهن الذين يتشاجرون بالابتسامات)

ابنة أختك اليمامة

زهرة تتسرب – في سنوات الصبا –

ملابس الحداد

سأفعل، إذا عدت

الجري على درجات القصر،

امسك ساقي عندما انزل ..

ارفعها – ضاحكا –

فوق ظهر الحصان

ها هي الآن .. صامتة

حرمته يد الغدر

من كلمات وعبارات والدها،

ارتداء الملابس الجديدة

من أن يكون – في يوم من الأيام – أخ!

من أب يبتسم في زفافها ..

تعود إليه إذا أغضبها الزوج.

وإذا زارها يهرع أحفاده نحو ذراعيه.

لتلقي الهدايا.

يلعبون بلحيته (وهو يستسلم).

وهم يسحبون العمامة ..

لا مصالحة!

ما هو خطأ تلك الحمامة

لترى العش احترق … فجأة،

هل هي جالسة على الرماد !

(4)

لا مصالحة

وإذا توّووك بتاج الإمارة

كيف تخطو على جثة ابن والدك ..

والطريقة لتصبح الملك.

على أفراح مستعارة

كيف تنظر الى يد من يصافحك ..

لا ترى الدم ..

في كل كف

جاء سهم من الخلف …

سيأتي اليك من الف

الدم – الآن – أصبح شارة وشارة

لا مصالحة،

وإذا توّووك بتاج الإمارة

عرشك سيف

وسيفك مزيف

إذا لم تزن – بحماقته – لحظات الشرف

والمستعملة – الفخامة

(5)

لا مصالحة

وإن قال عن المال عند الاشتباك،

“.. ليس لدينا الطاقة لمحاربة حسام …”

عندما تملأ الحقيقة قلبك

يندلع حريق إذا كنت تتنفس

وسكت لسان الخيانة

لا مصالحة

وإذا قيلت كلمات وعبارات السلام،

كيف تستنشق الرئتان النسيم الفاسد

الطريقة التي تنظر بها في عيون المرأة ..

هل تعلم أنك لا تستطيع حمايتها

كيف تصبح فارسها في الحب

كيف تتمنى غدا .. وليد ينام

كيف تحلم أو تغني عن المستقبل لصبي

وينمو – بين يديك – بقلب مكسور

لا مصالحة

ولا تشترك في الطعام مع من قتلوك

دفئ قلبك بالدم ..

تدفئة التربة المقدسة ..

حذر أسلافك الذين سقطوا ..

حتى تعيدك العظام!

(6)

لا مصالحة

إذا كانت القبيلة تناديك

باسم “الجليل” الحزن

هذا المحل داهية

وأنت تُظهر – لمن قصدك – القبول

سيقولون

أنت هنا تطلب انتقامًا طويلًا

خذ – الآن – ما يمكنك

قليلا صحيح ..

في هذه السنوات القليلة

ليس انتقامك وحدك،

لكنه انتقم جيلاً بعد جيل

و غدا..

سيولد من يرتدي درعًا كاملاً،

يشعل حريقًا شاملاً،

تسعى للانتقام،

يولد الحق،

من جانب المستحيل

لا مصالحة

واذا قيل ان المصالحة حيلة

إنه انتقام

ذبلت لهيبه في الضلوع ..

إذا انقلبت الفصول ..

ثم تبقى يد العار مشدودة (بأصابعها الخمسة).

على جباه ذليلة!

(7)

لا تصالحوا حتى لو حذرتكم النجوم

ورميك كهنتها بالخبر ..

سأغفر لو مت ..

الخيط بين الخيط الصحيح والخطأ.

لم أكن غازيًا،

لم أكن أتسلل بالقرب من مضاربهم

لم أمد يدي إلى ثمار الكرم

لم أمد يدي إلى ثمار الكرم

أرض بستانهم لم أخطوها

قاتلي لم يصحح لي “انتبه!”

كان يمشي معي.

ثم صافحني …

ثم مشى قليلا

لكنه اختبأ في الفروع!

فجأة

أصبت بقشعريرة بين ضلعين ..

وارتجف قلبي – مثل الفقاعة – وانفجر!

وحملت حتى حملت على ساعدي

ورأيت ابن عمي الزنايم

الوقوف يتعافى بوجه خسيس

لم يكن لدي رمح في يدي

أو سلاح قديم،

لم يكن سوى غضبي الذي يشتكي من العطش

(8)

لا مصالحة ..

حتى يعود الوجود إلى دورته

النجوم .. لعصرهم

والطيور .. لأصواتهم

والرمل .. إلى ذراته

والطفل المقتول العارض

كل شيء تحطم في لحظة عابرة

الصبا – فرحة الوالدين – صوت الحصان – التعرف على الضيف – طنين القلب عندما يرى برعمًا في الحديقة يذبل – صلاة من أجل هطول الأمطار الموسمية – مراوغة القلب عندما يرى طائر الموت

يرفرف فوق السياج

كل شيء يتعطل لمجرد نزوة بذيئة

الذي قتلني ليس ربا.

لقتلي بإرادته

إنه ليس أشرف مني .. لقتلي بسكينه

إنه ليس أكثر مهارة مني .. لقتلي بدوره الماكر

لا مصالحة

السلام ليس سوى معاهدة بين دولتين.

(على شرف القلب)

لا تنتقص

الذي قتلني هو مجرد لص

سرق الأرض من عيني

والصمت يطلق ضحكته الساخرة!

(9)

لا مصالحة

وان وقفت امام سيفك يا كل الشيوخ

وامتلأ الرجال بالشقوق

أولئك الذين تتدلى عمائمهم فوق أعينهم

وسيوفهم العربية نسيت سنين المجد

لا مصالحة

انها فقط تريد

أنت الفارس الوحيد في هذا الوقت

وأنت فقط .. المسوخ!

(10)

لا

لا مصالحة